كتب محمود حسن في مقال نشره موقع ميدل إيست مونيتور، أنه رغم الفقر المدقع وارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، تظهر مشاهد الرقص والغناء أمام لجان الاقتراع خلال انتخابات مجلس الشيوخ المصري الأسبوع الماضي.

يسعى النظام الحاكم إلى تقديم صورة مغايرة للواقع في ظل انخفاض ملحوظ في نسبة المشاركة، حيث يحق لنحو 63 مليون مصري التصويت في انتخابات مجلس كان قد أُلغي عام 2013 بدعوى عدم فعاليته، ثم أُعيد ضمن تعديلات دستورية أُقرت عام 2019. يضم مجلس الشيوخ 300 عضو، يُنتخب 200 منهم بينما يعين الرئيس البقية، ودوره يقتصر على دراسة القوانين وإبداء الرأي فيها دون إلزام. أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات أن النتائج ستصدر الثلاثاء المقبل.

بحسب ميدل إيست مونيتور، شهدت منطقة الدقي بالجيزة ظهور المطرب الشعبي عصام صاصا على حافلة مكشوفة يرفع فوقها علم مصر ويؤدي أغانٍ وطنية لتحفيز الناخبين، وسط مسيرة سيارات بالأعلام. وفي مناطق أخرى، رافقت المشهد فرق دي جي وطبول ومزامير ورقص، حيث تجمع الناخبون منذ الصباح. وزّع منظمو الفعاليات قسائم غذائية بقيمة 200 جنيه على كبار السن مقابل الحضور والتصويت لمرشحي حزب مستقبل وطن المقرّب من الأجهزة الأمنية، بينما أفاد الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي برصد نقل أشخاص غير مسجلين لصنع طوابير وهمية، إضافة إلى توزيع قسائم نقدية بين 200 و300 جنيه للتأثير على الناخبين.

كما سجلت منظمات حقوقية مخالفات انتخابية شملت استغلال المساجد والمقار الحكومية في الدعاية ودعم بعض المسؤولين التنفيذيين لمرشحين.

أفاد قضاة أشرفوا على العملية الانتخابية بأن الإقبال كان ضعيفًا، فيما تحدث آخرون عن ضغوط أمنية لدفع المواطنين إلى التصويت، وفق ما نقل موقع "مدى مصر". وروّجت وسائل الإعلام الموالية للنظام لمظاهر الاحتفال باعتبارها دليلاً على "العرس الديمقراطي"، مع بث مشاهد الرقص والطبول في مناطق مثل الهرم ومنشية القناطر والمطرية والمنيا.

يرى الصحفي عامر المصري أن النظام يعتبر هذه العروض الصاخبة انتصارًا سياسيًا على المعارضة، بينما يؤكد المحلل محمد فتحي أن غالبية المشاركين يهدفون إلى الحصول على مقابل مادي أو عيني، ويظهر كثير منهم من خلفيات فقيرة أو بلا عمل.

وثقت فرق ميدانية حالات شراء أصوات مقابل مبالغ تتراوح بين 100 و500 جنيه أو توزيع وجبات وصناديق غذائية، بحسب موقع "زاوية تالتة". وتعرضت هذه المشاهد لانتقادات واسعة، حيث وصفها زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، بأنها صورة "مخزية ومضحكة" تسيء لسمعة مصر. واعتبر عصام لالا، المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، أنها "إهانة للفقراء" وتشويه لصورة البلاد.

أما أحمد السيد النجار، الرئيس الأسبق لمؤسسة الأهرام، فتساءل عن علاقة الرقص بالتصويت، معتبرًا أن المشهد يعكس بؤسًا اقتصاديًا ورغبة منظمين في تصدير صورة مهينة للعالم.

إلى جانب الرقص وشراء الأصوات، غابت المنافسة الحقيقية، إذ نافست "القائمة الوطنية من أجل مصر" وحدها على المقاعد المخصصة للقوائم (100 مقعد) وفازت بها دون منافسين. وقاطعت الحركة المدنية الديمقراطية الانتخابات احتجاجًا على ما وصفته بانعدام ضمانات النزاهة. كما غابت قوى سياسية بارزة نتيجة الحظر أو قرارات التجميد أو سجن قادتها، مثل جماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل وحزب مصر القوية.

تُجرى جولة الإعادة يومي 27 و28 أغسطس، وتُعلن النتائج النهائية في 4 سبتمبر، وسط غياب الحماس الشعبي لنتائج يعتبرها كثيرون محسومة، إذ يعين الرئيس ثلث المقاعد، بينما حُسم ثلث آخر للقائمة الموحدة، تاركًا الثلث الأخير لدوائر الفردي التي تحكمها الأموال السياسية وعلاقات المرشحين بالأجهزة الأمنية، لتبقى الانتخابات مشهدًا مُدارًا بعناية على إيقاع الطبول والرقص.
 

https://www.middleeastmonitor.com/20250811-why-are-egyptians-dancing-outside-polling-stations/